الاختلافات الثقافية والاجتماعية ، هل الزواج بوجودها مهدد بالخطر؟
الاختلافات الثقافية والاجتماعية
الاختلافات الثقافية والاجتماعية، هل الزواج بوجودها مهدد بالخطر؟
الاختلافات الثقافية والاجتماعية ، من أكثر الأسباب التي تؤدي إلى الفشل الإجتماعي وعدم التوافق بين أي طرفين
في المجتمع على وجه الإطلاق، وذلك لوجود فجوة عميقة بين الطرفين.
ان الزواج ضرورة من ضرورات الحياة، وهو واحد من أهم القرارات التي يتخذها كل منا في مرحلة من المراحل، فيجب
على من يريد البدء في خوض غمار هذه التجربة التي سترافقه حتى يلفظ أنفاسه سواء كتب لها الاستمرار أم لم
يكتب، ان يحسن اختيار الطرف الذي سيشاركه حياته القادمة ومراعاة عدم وجود الاختلافات الثقافية والاجتماعية .
وعلى الرغم من مصيرية القرار نجد الكثير ممن يتسرعون في اختيار الزوج دون روية ولا بعد نظر، فتكثر الخلافات
بعد الزواج والتي اما ان تنتهي بالطلاق او بمتابعة حياة لا تتمتع بأدنى مقومات الهناء في سبيل تجنب الانفصال.
وفي هذا المقال سوف نتحدث عن واحد من أكثر القرارات حساسية وهي اختيار زوج يختلف عنك في المستوى الثقافي والاجتماعي، ترى هل يتحقق لمثل هكذا زواج النجاح؟ أم أن الفشل هو مصير محتم على هذه العلاقة ؟
سأبدأ بقول على الطنطاوي “إنما يبنى الزواج على التوافق في التفكير والسلوك والوضع الاجتماعي والحالة المالية،
وبعد هذا كله تأتي العاطفة ” وعندما تستخدم عقلك وتنظر لمسألة الاختلافات بين الزوجين لربما سوف تصل الى
الفكرة نفسها، فعيش شخصان ينتميان لعالمين مختلفين هو امر منهك لكلا طرفي العلاقة من عدة
جوانب سنذكر أهمها :
عدم وجود الكثير من الاهتمامات التي تجمع الزوجين واختلاف طريقة كل منهما عن الاخر، فتجد مثلا أحدهما يتحدث
كم كانت تجربة الحياة الجامعية مثيرة ومدهشة، او يتحدث عن العمل ويناقش حيثيات معينة والطرف الاخر لا يمتلك
أدنى فكرة عن الموضوع لا بل من الممكن أن يستنكر فتح شريكه لموضوع كهذا، على الرغم بأن الدوافع قد تكون
عفوية لكنها قد تتحول الى مشاكل متكررة بين الزوجين مما يجعل العلاقة بينهما تميل أكثر للتنافس لا التشاركية.
وأيضا من الامور التي تعكر صفو هذه العلاقات:
شعور الطرف الاعلى بالغرور تؤدي الى الاختلافات الثقافية والاجتماعية
ومعاملة الطرف الاخر بأسلوب لا يخلو من اشعاره بشكل متكرر بأنني أفضل منك وأعلى منك أو أنك يجب ان تكون
ممتن لأنك حظيت بي.
اما الطرف الادنى فييدأ ضعف الثقة يتسلل إلى داخله كزائر غير مرغوب فتجده يفسر أدنى تصرف من الطرف المقابل
بطريقة تنتقص منه ويجد نفسه مجبر على مواجهة المجتمع الذي لا ينظر اليه الا بأنه مجرد شخص محظوظ وأن
يقتصر تقدير الاخرين له بأنه متزوج بفلانة او متزوجة بفلان وهذا ليس بالأمر السهل على الاطلاق.
و هنا لا بد بأن نوجه أن قيمة أي انسان لا تتعلق بماله او شهاداته بل يجب أن يحكم عليها بمعايير أكثر علوا
و سموا لأننا نجد كثير من المتعلمين الذين يفتقرون الى ادنى ثقافة او خبرة في الحياة.
لكن و مع الأسف المفهوم الأول هو الأكثر شيوعا و نحن نعيش في بيئة اجتماعية يصعب علينا ان نتجاهلها
او ننفصل عنها و ان كانت الامكانية موجودة ولكن ليس بالسهولة التي قد تصورها الافلام و المسلسلات
و القصص الرخيصة الموجودة في كل مكان انها معاناة حقيقية.
يجب أن يمتلك الانسان شخصية حديدية ليتمكن من مواجهتها و اذا لم يستطع الزوجان تجنب كل ما ذكرنا من
معيقات سوف تبدأ المشاكل في الانفجار , فالشمس و القمر لا يجتمعان في منزل غير السماء و قد لا يجد
طرفي هذه العلاقة سماء تضمهما فيجدان نفسيهما أمام قرارات صعبة و صعوبات كانا قادرين على تجنبها .
لكن وجود الكثير من هذه العلاقات لا بل ونجاحها واستقرارها ينسف كل ما كتب في الاعلى ، أجل على الرغم
من أن العيش في علاقة غير متكافئة أمر صعب لكنه حتما ليس مستحيل بل يحتاج الى بعض الامور كي يستمر،
لا ندعي هنا بأن الاختلافات لن تؤدي الى اية مشاكل بل المشاكل موجودة ومحتومة لكن ضمن إطار مقبول
وقابل للتعايش، ومن هذه الامور:
-
التوافق العاطفي بين الزوجين يحد من الاختلافات الثقافية والاجتماعية
نحن هنا لا نقصد الحب بعينه بل نقصد قدرتهما على فهم بعضهما البعض دون أن يكون الطرف الاخر مجبر على
التبرير بشكل دائم، تقبل الطرف الثاني بكل مزاياه وعيوبه ووجود رغبة صادقة بالعيش معه وان وقفت الانس
والجن بينهما ولسان حالهما بنطق بقول الشاعر
يفوز باللذات كل مغامر ويموت بالحسرات كل جبان
وهذان الزوجان يجب أن يكونا على دراية واطلاع بكل المعيقات التي قد تواجههما وان يقرران تحملها ومواجهتها
أو عدم الاكتراث لها حتى، وهنا تصبح العلاقة مفهومة لكلا الطرفين ولا يتساءلان بعد الزواج عن سبب عصف
المشاكل بينهما فجأة.
-
التغاضي عن سلبيات الطرف الاخر
ان البشر بطبيعتهم معرضين للخطأ والصواب، فالكمال لله فقط، وهنا يأتي دور كل من الزوجين بتغاضي زلات
الاخر وغض البصر عن سلبياته، والأهم هو أن يربط كل شخص أخطاء زوجه وعيوبه ببشريته فالبشر جميعا
كما أسلفنا يرتكبون الاخطاء بشكل متكرر ويجب عدم تعليقها على شماعة المستوى الثقافي او الاجتماعي،
فالمتعلم والجاهل والغني والفقير كلهم بشر وليسوا ملائكة وان بحث الجميع عن شخص بلا عيوب كي يرتبطوا
به فلن تجد زوجين على هذه البسيطة.
قد يكون من يقرأ هذا المقال شخص مقبل على تجربة مماثلة، وهنا أنا اريد أن احييه على قراره اما بقبول
العلاقة غير المتكافئة أو برفضها فكلا القرارين يحتاجان الى شجاعة التارك شجاع لأنه تحدى رغبته بالارتباط تاركا
المجال لعقله كي يكون الحكم والقابل أيضا شجاع لأنه يعلم بأنه مستعد لمواجهة الدنيا ليرتبط بها او لترتبط به.
لعلك تهتمين بالمقالات الخاصة بالأسرة بشكل كبير وهنا مقالة تفيدك بعنوان: ربة منزل وعاملة ، هل أستطيع ان أبدع في المجالين؟