Uncategorizedقضايا عائلية

تأثير الخلافات الزوجية على نفسية الأبناء..

كيف تؤثر الخلافات الزوجية على نفسية الطفل؟

لا يخلو بيت في هذا العالم من المشاكل، سواء كانت مادية أو اجتماعية أو خلافات بين الزوجين؛ لكن هل سألت نفسك من قبل عن تأثير الخلافات الزوجية على نفسية الأبناء ؟

“المشكلة لا تكمن في الخلافات الزوجية نفسها بقدر ما تكمن في كيفية التعامل معها”

فمعظم الأزواج لا يستطيعون كفَ ألسنتهم وأيديهم عند الغضب، ولا يكتفون بهذا بل يظهرون الخلاف أمام أبنائهم. وقد تكون هذه هي طريقتهم في إظهار الهيمنة والهيبة وبسط النفوذ!

بعض الأزواج لا يتشاجرون أمام أبناءهم بالمعنى المعروف للشجار، ولكن تجد البيوت يسودها حالة من البرود. بيت يخلو من الحب!

والبعض الآخر لا يحلو له الشجار إلا على مرأى ومسمع من الأطفال بغض النظر عن مدى تأثير الخلافات الزوجية على نفسية الأبناء.

أحيانا يكون أحد الطرفين قليل الحيلة، فيستكين للطرف الظالم أثناء الشجار. وهذا النوع في الغالب يفضل الشكوى أمام الأبناء، يسعى بكل جهده لإظهار كم هو مظلوم، وكم تحمل من الصبر في استمرار العلاقة، بل ويبذل قصارى جهده لإظهار خسة شريكه أمام أبناءه!

وهناك هذا النوع الذي يحب نشر الخلافات على المشاع! ما بين تليفونات، ، وتدخل الأهل، والحكي للأصدقاء والجيران وغيرهم.

في كل الأمثلة السابقة لم يتدخل الأطفال بشكل مباشر في المشكلة بين الآباء، ومع ذلك تترك في نفس الطفل أضرار جسيمة. وإليك السبب:

الأطفال تشعر بالحرج من إذاعة خصوصيتها على المشاع، حتى لو كانت هذه المشكلة تضره وتمسه. فإذا قمت بنشر خصوصيات بيتكم، يشعر الطفل بانتهاك لخصوصيته.

“نحنُ نتعلم الحب بالمشاهدة لا بالتلقين”

هذه القاعدة يجب ان ندركها جميعا. فالأطفال يشعرون بحالة البرود والخرس الزوجي في حالات عدم تفاهم الأبوين، مما يفقدهم الأمان والثقة بالنفس.

تأثير الخلافات الزوجية على نفسية الأبناء:

  • يشعر الطفل بفقدان الثقة بالنفس.
  • شعور الطفل بأنه سبب في المشكلة بين الأبوين
  • الخوف وعدم الإحساس بالأمان: فالبيت يعد مصدر الأمن بالنسبة للطفل ومعنى وجود خلافات بشكل مستمر، أن مصدر هذا الأمن مهدد بالتفكك، فيبدأ الطفل في الشعور بفقد الأمان.
  • العدوانية: غالبا ما يصبح الطفل عدواني مع أصدقاءه في المدرسة أو كثير الصراخ.
  • التأخر الدراسي.
  • الهروب من المنزل فعليا.
  • الهروب من خلافات الأبوين إلى أصدقاء السوء.
  • قد يلجأ بعض المراهقين إلى الإدمان، للهروب من هذا الواقع المر.
  • من الممكن أن يصاب الطفل باضطرابات الأكل.
  • سقوط أحد الأبوين( الطرف الظالم) في نظر الابن بلا رجعة.
  • شعور بعدم احترام أحد الأبوين.
  • الشعور بالذنب في حال تحيز الطفل لأحد الأبوين دون الآخر.
  • عقوق الوالدين، وقد يمتد إلى التطاول على أحد الوالدين بالسب أو الضرب!
  • الإصابة باضطرابات القلق والاكتئاب.
  • تظهر بعض الأعراض العضوية: مثل التبول اللاإرادي.
  • هناك دراسة تشير إلى أن 60% من الأطفال المصابة بالتوحد نشأت لأبوين بينهم خلافات زوجية. ويقال بأن الخلافات الزوجية والأم حامل قد يكون لها أثر في الإصابة بطيف التوحد.
  • الانعزالية.
  • العزوف التام عن الزواج وعدم الرغبة فيه مستقبلا.
” أنا راجل في بيتي”

قاعدة يتبناها معظم الأبناء عندما يكبروا !

بعض الأباء ليس لديهم حدا معينا في الخلافات، فيلجأون دوما إلى السب أو التطاول باليد على مرأى من الطفل؛ ولأن هذا السلوك متطرف فغالبا ما يصحبه تصرفا متطرف مثله من الابن.

وينقسم الأبناء الذين شاهدوا خلافات زوجية إلى ضربين:

  • إما طفل شديد الانعزال والرهبة، وغالبا ما يتبنى سلوك الطرف المظلوم.
  • وإما طفل شديد التسلط، حتى في حياته الزوجية فيما بعد، فيتعامل بنفس الطريقة التي رآها من قبل.. يستخدم اليد وسلاطة اللسان تحت شعار “أنا راجل في بيتي!”
  • بعض الأبناء يتولد عنده نظرة تشاؤمية عن الزواج، وقد يعزف تماما عنه، بسبب ما رآه في حياته.
  • والبعض قد يهرب إلى الزواج دون التمعن في مواصفات الشريك؛ فيكتشف أنه هرب من سيء إلى أسوأ!

ولا تتعجب من طفل رأى كل هذا الخلاف في الصغر إن تطاول باليد على والديه! فهو لم يعرف في حياته معنى الحب والدفء. ولا يعرف طريقا للتواصل غير الإساءة!

هل يجب تجنب الخلافات تماما أمام الأبناء؟

بالطبع لا، ويعد هذا أيضا أحد الأخطاء التربوية. فالتجنب التام للخلافات يورث لدى الأبناء صورة خيالية حالمة عن الزواج ومخالفة للواقع تماما.

والصحيح، يجب الابناء مشاهدة بعض الخلافات، ولكن يجب تجنب التطاول فيها أو الاعتداء اللفظي والبدني.

يجب المحافظة على مستوى معين للنقاش والخلاف. ووضع سقف للخلافات يمتنع علينا تجاوزه حتى لا يفقد الأبناء احترامهم لأحد الأبوين.

كيفية تجنب الآثار النفسية للخلافات الزوجية:

يكمن الحل الأساسي في إزالة السبب، والنظر في أساسيات المشكلة:

  • الحل الأفضل هو أن يذهب الأبوين إلى علاج زواجي أولا، للقضاء على جذور الخلاف.
  • حاول الجلوس والتفاهم مع شريكك، لمحاولة حل الخلاف.
  • إن لم تستطع حل الخلاف بينك وبين شريكك فعلى الأقل لا تظهره أمام الطفل!
  • يمكنك الذهاب إلى مكان مفتوح لمناقشة المشكلة مع زوجك وليس بالضروري مناقشتها أمام الطفل.
  • يجب تغيير جو المنزل والخروج في نزهة مع الطفل من حين لآخر، لأن جو المنزل يكون مشحونا بالكراهية.
  • تجنب إظهار مساوئ الشريك أمام الطفل، حتى لا يفقد احترامه له، حتى لو كان ظالما! للأسف معظم الآباء يتعمد إظهار مدى تعرضه للظلم عن طريق إذاعته لظلم شريكه، لكن بهذا أنت تُفقِد الطفل قدوته الوحيدة.
  • في حال ظهرت المشاكل أمام الطفل يجب تجنب التلفظ بألفاظ خارجة، أو الاعتداء بالضرب.
  • لو كان شريكك شخص عصبي حاول الابتعاد وقت الخلاف حتى لا تتفاقم المشكلة. كان معاوية يقول ” لو كان بيني وبين الناس شعرة ما انقطعت، إذا شدوها أرخيتها وإذا أرخوها شددتها” لذا حاول تهدئة الأمور وتجنب العصبية وقت الخلاف. وبعد هدوء الأوضاع يمكنك أخذ حقك والمناقشة بهدوء.
  • حافظ على أسرار بيتك: عندما تريد التحدث والحكي بشأن مشاكلك فالأفضل للجميع أن تذهب إلى طبيب مختص لمناقشة الأمر.
  • الحكي عن الخلافات أمام الأهل والأصدقاء يزيدها ولا يقللها وغالبا ما تكون نصائح الأهل المبنية على الرأي والهوى سببا في تفاقم الأوضاع.
  • في حالة كان الطفل عصبيا أو لديه فرط حركة، أو عدوانية أو غير ذلك، يجب التحدث إليه بهدوء وإشعاره بالحب. تعاملك مع الطفل بحب وهدوء أكثر فاعليه من أمره بذلك. فالأطفال تشرب منا طباعنا وليس شعاراتنا وكلماتنا.
“كل ما عليك هو محاولة صادقة للإصلاح”

العالم لم يعد سهلا كالسابق؛ فكل يوم تكثر عوامل الجذب الخارجية التي قد تكون مخالفة للقيم أو الشريعة، سواء كانت هذه العوامل مشاهدة إباحية أو أصدقاء سوء، أو مخدرات، أو حتى البحث عن الأمان خارج المنزل؛ فلا تجعل بيتك طاردا لأبنائك! ولا تركن إلى الكسل وتقول ” هذا ما وجدنا عليهِ آبائنا ” فالزمن غير الزمن!

أخيرا، جميعنا نرتكب أخطاء أثناء التربية، فلا تجعل هذه الأخطاء وسيلة لجلدك لذاتك. كل ماعليك فقط هو محاولة صادقة لإصلاح الوضع.

ومن حسن الحظ أن الأطفال أكثر مرونة من الكبار. لذا عند رجوع الهدوء إلى البيت يرجع الأطفال إلى الشعور بالأمان والطمأنينة. لذا لا تيأس، ولا تكف عن المحاولة في إصلاح الوضع.

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: لا نسمح لك بنسخ المحتوى